9 أفكار للتخلص من الشعور بالذنب

في مدونة الأسبوع الماضي تكلمت عن الشعور بالذنب وتجربتي معه لسنوات طويلة وكيف كان يؤثر بالسلب علي سعادتي وطاقتي معظم الوقت. في هذه المدونة سأعرض بعض الأفكار التي أؤمن أنها تساعد على التخلص من الإحساس بالذنب الذي تعاني منه معظم النساء حتى يجدن السعادة ويعيشن الحياة التي يحلمن بها.

9 أفكار للتخلص من الشعور بالذنب:
1-لاتقارني نفسك أو أولادك بالآخرين: المقارنة بالآخرين ليست المقياس الصحيح لتعرفي قدر نفسك وقدر أولادك وهى في الغالب تسبب الإحباط وعدم الرضا لذا عليك أن تحددي مقاييسك وقيمك الشخصية وعلى هذا الأساس يمكنك قياس حياتك وحياة أولادك ومدى رضائك عنهم. أن يكون لديك رؤية واضحة عن كل ما يمثل قيمة في حياتك وأن تعيشي حياتك وفقًا لما يهمك ويجلب إليك السعادة وراحة البال أما المقارنة بالآخرين فلا تجلب الا الغيرة وعدم الرضا اللذان يؤديان بدورهما إلى الشعور بالذنب.

2- ثقي بنفسك: عندما تكون ثقتك بنفسك قوية وإيمانك بقيمتك وقدراتك عالية لن يكون من السهل أن تشعري بالذنب مهما تعرضت للنقد أو اللوم أو على الأقل سيكون من السهل عليك التغلب على هذا الإحساس بسرعة وعدم الاستسلام له. إن كانت ثقتك بنفسك مهزوزة يمكنك الاستعانة بمتخصص لمعرفة السبب والتغلب على هذه المشكلة.

3- تجنبي الأشخاص الذين يكثرون اللوم والنقد أو على الأقل قللي الاختلاط بهم قدر الإمكان: هناك نوع من الأشخاص الذين يكثرون النقد واللوم وهم يسلكون هذا السلوك لعدم إحساسهم بالرضا عن أنفسهم أو حياتهم ويلجأون لإيجاد العيوب في الآخرين حتى يشعروا بالرضا أو بأنهم أفضل بينما هم في الحقيقة ينظرون لأنفسهم نظرة متدنية. هؤلاء الأشخاص يسببون الإحباط وينشرون السلبية لذا تجنبي هذا النوع من الناس أو على الأقل لاتأخذي كلامهم بصورة شخصية فما هو إلا تنفيث لما يدور بداخلهم من صراعات من إحساس بالنقص وعدم الرضا.

4- من حقِك أن ترفضي القيام بأي شيء لايمثل لك أية قيمة: لاتسمحي لأي شيء أو لأيشخص أن يفسد يومك أو أن يضيع وقتك. وقتك هو حياتك وعمرك أنفقيه فيما يضيف قيمة وفائدة لك ولا تخجلي أن تردي الأشخاص وقولي “لا” بصوت عالي للذين يضيعون وقتك فيما لايفيد كما لا تضيعي وقتك في أنشطة تافهة أو أحاديث النميمة التي لاتجدي. أنفقي وقتك بحكمة وأوجدي لنفسك أنشطة وهوايات وأعمال تضيف اليك والى حياتك السعادة والرضا حتى لاتشعري بالذنب لاحقا لما ضيعتيه من وقت في ارتكاب ذنوب أو ما لا يفيد.

5- إنهي أعمالك المعلقة: الأعمال والموضوعات المعلقة والتي تترك بدون إتمامها أو إتخاذ قرارت بشأنها تظل تنغص عل الإنسان حياته لأنه يظل يشعر بالذنب لتقصيره في إنهائها. لذا أكتبي قائمة بالموضوعات والأعمال المعلقة وإتخذي قرار نهائي بشأنها إما إتمامها وحددي موعاد لذلك وإلتزمي به أو إسقاطها من حسابك ونسيانها تمامًا لأنها غير مهمة وبذلك تتجنبي الشعور بالذب لتقصيرك في إنهائها.

6- عاملي نفسك برفق وكوني ممتنة لنفسك: لاحظي كيف يدور الحديث بينك وبين نفسك. هل تحدثي نفسك برفق وحنان أم إنك تعنفيها وتوبخيها كثيرًا؟ هل تعترفي لنفسك بقيمة ما تفعليه وتقدميه وتقدري مجهودك؟ هذه النقطة مهمة للغاية لأنك إن لم تكوني قادرة على معاملة نفسك برفق فهل يمكن لأحد أن يعاملك برفق؟ إن لم تقدري أنت قيمة ما تفعليه فكيف تتوقعي أن يقدر الآخرون ما تقدميه؟ تأكدي أن الناس ستعاملك كما تعاملين أنت نفسك. فكوني الصديقة الأقرب لنفسك وعامليها كما تعاملي أقرب صديقة لقلبك.

7- إرتكاب الأخطاء واقع في حياتنا وكلنا نرتكب أخطاء: إرتكاب الخطأ جزء من عملية التعلم وعلينا أن نتقبل فكرة أننا سنرتكب أخطاء نحن وأولادنا طوال حياتنا. لذا فإن تعرضنا لهذا الموقف يمكننا التفكير في كيفية معالجة الأمر أو تخفيفه إن أمكن وإن لم يكن ممكنا فيجب علينا أن نتعلم من التجربة ثم ننسى الأمر فالشعور بالذنب لن يغير من الأمر شي.

8- إغفري لنفسك وإغفري للآخرين: بما إننا اعترفنا بأن ارتكاب الأخطاء شيء وارد حدوثه وأننا يمكن أن نرتكب أخطاء كما أن الأخرين يمكن أن يرتكبوا أخطاء أيضا لذا نحتاج أن نتعلم أن نسامح أنفسنا ونسامح الآخرين ونغفر لهم. نسامح الآخرون من أجل أنفسنا ومن أجل سعادتنا لأن الغضب الذي نختزنه في قلوبنا تجاه من جرحونا يحرقنا نحن ولايصل إليهم، يضرنا نحن ولايضرهم في شيء. والهدف من الغفران هنا هو نسيان الألم والتغلب عليه حتى نجد سعادتنا وليس ليعودوا الى حياتنا.

9- ركزي دائمًا على الإيجابيات: من أجل مصلحة أولادك توقفي عن اللوم والنقد والتأنيب. عندما يرتكب طفلك خطأ يمكنك بهدوء توضيح أن هذا السلوك خاطئ ووضحي ماهو السلوك الصواب. وعندما يتصرف بصورة لائقة شجعيه وأثني عليه بسخاء وعلى سلوكه الطيب وشجعيه فستجدي أنه سيكثر منه من أجل أن يسمع كلمات الإطراء والتشجيع. الطفل يسعى الى شد إنتباه الأهل وعندما يفشل في ذلك بواسطة السلوك الجيد يلجأ للسلوك السيئ حتى لو أدى ذلك للعقاب، المهم أن يشد انتباههم. أكثري من كلمات الثناء والتشجيع ليكثر من السلوك الجيد ولتقوي ثقته في نفسه فاللوم المستمر يؤدي للشعورالمستمر بالذنب كما يؤدي لزعزة الثقة في النفس.

إننا نعيش في زمن مختلف وبيئة مختلفة وعقلية وظروف مختلفة يجب علينا التخلص من أى أسلوب أو قناعات لاتساعدنا ولاتفيدنا في حياتنا. من حقنا أن نبحث ونتعلم كل مايفيدنا في حياتنا من أجل أن نحيا حياة أكثر سعادة واستقرار ورضا.

الشعور بالذنب (1)


الشعور بالذنب هو إحساس بالقلق وعدم الارتياح يتولد لدينا نتيجة ارتكاب خطأ أو نتيجة إيذاء الآخرين. وهو ليس بالضرورة بسبب خطأ ارتكبناه فعلاً وإنما يمكن أن يكون مجرد اعتقاد أو خوف  من أن نكون قد ارتكبنا خطأً أو تصرفنا بشكل غير لائق ومن ثَم يكون مصدرًا للإزعاج وعدم الإحساس بالسعادة. 
        الإحساس بالذنب نما لديّ منذ الصغر بسبب كثرة اللوم والتأنيب الذي كنت أتعرض له عند ارتكاب أي خطأ، فهناك أشخاص كثيرون يظنون أن كثرة اللوم والتوبيخ والتأنيب وسيلة جيدة للتربية والتحذير من ارتكاب الأخطاء. وأعتقد أن الكثير منا قد تعرض لمثل ذلك في طفولته في البيت والمدرسة. التركيز دائمًا على الأخطاء وتصيدها للأطفال وإغفال التشجيع على الأفعال الإيجابية من أشد العوامل التي تؤثر على نظرة الإنسان لنفسه وتؤدي إلى عدم الثقة بالنفس وتنمي لديه الإحساس الدائم بالذنب والخوف من ارتكاب الأخطاء، مع أن ارتكاب الخطأ هو الوسيلة الوحيدة لتعلم الصواب. حتى وقت قريب كنت دائمًا أجد نفسي في موقف المدافع عن ذاته، حتى من خلال حديثي مع نفسي أجدني أوجد المبررات لكل شيء أفعله حتى أكون مستعدة عندما أواجَه بأى لوم من أحد من أفراد عائلتي أو في العمل. كان لديّ إحساسًا بأني متهم يجب أن يدافع عن نفسه مع كل فعل أو عمل أقوم به. إحساس مرير أن تشعر دائمًا أنك محاصر كالمتهم الذي يجب أن يدافع عن نفسه بالرغم من أنك لم تؤذي أحد ولكن كل ما في الموضوع أن إحساسك بالذنب نتيجة اللوم المستمر يحرمك من أهم حق من حقوقك وهو الحرية.
تزايد الإحساس بالذنب بداخلي بعد ميلاد ابني الأكبر، وهو إحساس أعتقد أنه لدى كل الأمهات؛ إحساس يحرمهم السعادة و الاستمتاع بالحياة. عند ميلاد ابني الأكبر كنت أعمل لساعات طويلة. خلال العامين الأولين من عمره كنت أقضي أربع ساعات يوميًا في وسائل المواصلات لأذهب لعملي ثم أعود. كنا نغادر المنزل كل يوم في السادسة صباحًا لنعود في السادسة مساءً. التحق بالحضانة وعمره ثلاثة شهور وكنت أتركه فيها من الساعة الثامنة صباحًا وحتى الساعة الرابعة مساءً منذ اليوم الأول. لا يمكن أن أنسى كيف بكيت بشدة في أول يوم له بالحضانة فقد شعرت أني أتخلى عنه. ظل يذهب يوميًا إلى الحضانة من سن ثلاثة شهور حتى خمس سنوات من الساعة الثامنة صباحًا وحتى الساعة الرابعة مساءً خمسة أيام أسبوعيًا، وكان الإحساس بالذنب يتملكني وينغص علي حياتي. عندما بلغ أربع سنوات، اضطرتني ظروف عملي للسفر لمدة أربعة أو خمسة أيام أسبوعيًا وكان ذلك يتكرر مرتين أو ثلاثة في الشهر. واستمرت ظروف العمل على هذا الحال لمدة قاربت على العام وكنت أتركه مع والدتي أو والده عندما أسافر وطبعًا كان لهذه الظروف تأثير قوي على زيادة إحساسي بالذنب الى جانب أنه كان يعاقبني في أحيان كثيرة لتركي له لفترات تعتبر لطفل  في سنه طويلة وخاصة أنه كان مرتبطًا بي بشدة مما زاد إحساسي بالألم والذنب. تركي له لساعات وأيام طويلة للآخرين لرعايته كان سبب إحساسي بالذنب والألم. كل هذه المشاعر السلبية أثرت بالسلب على حياتي وجعلتني أشعر بالضيق والألم وعدم السعادة. 
لقد أمضيت سنين طويلة من عمري والإحساس بالذنب يعذبني دون أن أدري أنه سبب تعاستي. في يوم من الأيام كنت أتحدث مع استشاري علاقات أسرية عن هذا الموضوع وكيف أني أشعر بالتقصير في حق أولادي بسبب غيابي لساعات طويلة خارج المنزل وكان ردها أنه لا يهم عدد الساعات التي تقضيها في المنزل معهم، ولكن المهم هو كيفية قضاء هذه الساعات. ومنذ ذلك اليوم بدأت أحرص على أن يكون الوقت الذي نقضيه سويًا ممتعًا لي ولهم. كما بدأت أفهم أن فكرة وجود الأم تحت أمر أولادها طوال الوقت ليست صحيحة ووجدت أن مفهومي عن الأم والزوجة الحقيقة والذي ورثته عن أمي وثقافة مجتمعنا لم يعد يناسب هذا العصر. ظروف الحياة الآن اختلفت؛ المرأة أصبحت تعمل كالرجل، والأسرة بالكامل يجب أن تتعاون في تحمل المسئولية. كان لابد أن أعيد التفكير في مفاهيمي وأفكاري بما يتناسب مع أولوياتي واهتماماتي وظروف الحياة.
هل قصتي تبدو مألوفة لك؟ هل عشت قصة مشابهة؟ أنا متأكدة أن هناك المئات بل الآلاف وربما الملايين من السيدات اللآتي عشن نفس القصة، خاصة في وجود أطفال في سن صغيرة. في الأسبوع القادم سأعرض عليكم بعض الأفكار للتغلب على الإحساس بالذنب.
إن كان لديكم أية أسئلة أو استفسارات أو حتى ترغبون في عرض قصتكم عن الإحساس بالذنب أرجو ألا تترددوا بكتابتها في التعليق أسفل الموضوع.